تلمسان الحضارة و التاريخ

التسمية
منظر عام لمدينة تلمسان
ترجع تسمية مدينة تلمسان إلى العبارة البربرية " تلي إيمسان" وتعني باللغة العربية "الربيع الجاف" مما يوضح أن المدينة ذات أصول بربرية امتزجت مع العرق العربي المسلم لتصنع الصورة الحالية للمدينة، بالإضافة إلى وجود أعراق أخرى من الأندلس وجزر البحر الأبيض المتوسط ومناطق أخرى من أوروبا، وهو ما يؤكد قدم تاريخ تأسيس المدينة والأدوار التي قامت بها عبر العصور التاريخية.








الموقع

الصحن المكشوف في الجامع الكبير بتلمسان
تقع ولاية تلمسان شمال غرب الجزائر، يحدها شمالاً البحر الأبيض المتوسط، وجنوباً ولاية النعامة، وشرقاً ولايتا عين تموشنت وسيدي بلعباس، وغرباً المملكة المغربية. وهي منطقة تاريخية وسياحية، كانت تعرف (ببو ماريا) في العهد الروماني، واتخذها الزيانيون عاصمة لهم.
وتنقسم ولاية تلمسان إلى 22 دائرة، و53 بلدية، كما تعدُ مدينة تلمسان مدينة سياحية، لما فيها من آثار، ومعالم سياحية، مثل مغارات ( عين فزة، والمنصورة، وندرومة، وميناء هنين)، وتضم مدينة تلمسان العديد من المساجد الأثرية.








النشأة والتطور
تأسست مدينة تلمسان في القرن الرابع الميلادي على يد الرومان، وصارت مستعمرةً رومانيةً تضم كنيسة رومانية كاثوليكية كبيرة، ثم غزاها الفنداليون إلى أن جاء الفتح الإسلامي في القرن الثامن الميلادي عام 708م.
وقد شهد القرن الحادي عشر الميلادي البداية لانطلاقةَ المدينة في التاريخ الإسلامي، وكان ذلك في عهد دولة المرابطين حيث ظهرت المدينة كأحد أبرز المراكز التجارية، وساعدها على ذلك قربها من البحر الأبيض المتوسط، فأصبحت واحدة من أهم الموانئ، ثم ما لبثت المدينة أن أصبحت عاصمةً لمملكة تلمسان التي حكمها الملك عبد الوديد الزناتي من قبائل زناتة في عام 1282م، واستمر الأمر إلى القرن الخامس عشر الميلادي، حيث سيطرت المملكة على كل جبال أطلس في الجزائر، ووصلت إلى حدود تونس، ولما انهارت الأندلس عادت تلمسان لتلعب دورًا كبيرًا في التاريخ الإسلامي حيث استقبلت الوافدين عليها من قرطبة، وغرناطة، وغيرهما من مدن الأندلس، وتقدر المصادر التاريخية عدد من توافدوا على المدينة بمئات الآلاف، وكان ذلك في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي.
العقود في العمارة الإسلامية في تلمسان
أحد المساجد الأثرية في تلمسان
وقد عانت المدينة بعد ذلك من الغزو الإسباني حيث سيطر عليها إسبان ضمن ما سيطروا عليه من مدن بلاد المغرب الأقصى والمغرب الأوسط، إثر انهيار الدول الإسلامية في الأندلس، فاستغل الأسبان ذلك، وبدأوا في الزحف إلى المغرب العربي كله، وبدأ الإسبان في محاولة تنصير المدينة وإكسابها الطابع الكاثوليكي حتى أوقفهم العثمانيون بسيطرتهم على تلمسان في عام 1553م، ونالت المدينة نوعًا من الاستقلال النسبي عن الدولة العثمانية في عام 1671م. 
ثم وقعت مدينة تلمسان تحت حكم الاستعمار الفرنسي في عام 1844م، واستمر حتى مطلع الستينيات من القرن العشرين، عندما نالت الجزائر الاستقلال، وأصبحت المدينة واحدةً من أهم المدن الجزائرية، وصارت عاصمةً لولاية تحمل الاسم المحلي.
جانب من منطقة المنصورة في مدينة تلمسان
وقد اكتسبت المدينة تنوعًا إنسانيًّا واسعَ النطاق، ظهر في الثقافة والآداب والعادات الاجتماعية في مزيج فريد. وتضم مدينة تلمسان العديد من الآثار الإسلامية الفريدة من المساجد، والجوامع، والمدارس، والزوايا التي مثلت منارات للعلم الإسلامي، وتعلم فيها الكثيرون عبر الأجيال المختلفة، ومن أهم العلوم التي يتلقاها الطلاب في تلك الزوايا، العلوم القرآنية، والدينية بصفة عامة، وتتسم الزوايا في تلمسان بصفات معمارية فريدة جمعت بين الطابع العربي الإسلامي إلى جانب الطابع البربري المحلي.
وتعدُ مدينة تلمسان حاضرة من أهم حواضر المغرب العربي، زارها العديد من الرحالة والمؤرخين، وأطنبوا في وصفها، وأكثروا في مدحها، وذكروا روعة وجمال منشآتها العمرانية، وحسن تخطيطها وتطور حضارتها. وتضم مدينة تلمسان العديد من معالم الحضارة الإسلامية، بالإضافة إلى العديد من الكنوز الأثرية في متحفها الوطني الذي يعكس حضارة تلمسان الزاهرة عبر العصور.
جانب من الأسوار القديمة في تلمسان


شارك الموضوع

إقرأ أيضًا