الرابحون في رمضان * من إلقاء الأستاذة: بلقايد حياة

فيوضات من الرحمن لأمة الإيمان في شهر رمضان،


صيام و قيام، صدقات و نفقات، بر الأيتام ، و صلة الأرحام، تلاوة القرآن و بلوغ الاحسان، *هل جزاء الإحسان إلا الإحسان* الرحمن،60، في المقابل منح لا تعد و لا تحصى، جنة مفتحة الأبواب، ليلة القدر خير من ألف شهر، محو السيئات، و إجابة الدعوات *و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان* البقرة-186،
كل هذه النفحات و كل هذه الرحمات لمن تعرض لها، لمن بذل لنيلها، لمن أحسن استقبالها فأخلص النية، و صحح العبادة، و أكمل العقيدة، من وفق في عبادته لله، و أسلم قلبه لمولاه، و أجمل الإنقياد له في الحياة، و استعد بإيمانه و تقواه ليشمله يوم النجاة، * يوم لا ينفع مال و لابنون، إلا من أتى الله بقلب سليم * الشعراء- 88،89، رمضان بالنسبة للمسلم محطة يتزود منها بالإيمان الذي يعينه في رحلة إلى الله، و في السنة النبوية آداب عظيمة في استقبال ه\ا الشهر، و كيفية التعامل معه، و الاستفاذة من أوقاته الثمينة..لكن واقع الناس يتباين في الاستعداد لشهر رمضان الكريم، فمنهم من يفرح بحلوله، و يستعد له بالأعمال الصالحات، و منهم من يستعد له بأصناف المأكولات، و السهر أمام الفضائيات، فانتبه أيها المسلم لتكون من الرابحين في رمضان.

من يوفق لينال كل هذه المنح؟

الذي جاءه رمضان فوجده قد صام إيمانا و احتسابا، و تحرى ليلة القدر فقامها أيضا إيمانا و احتسابا، "يفرح الصائم يوم القيامة بإعطاء الرب إياه ثواب صومه بلا حساب"،صحيح بن خزيمة.
الذي جاءه رمضان فوجده لينا في طاعة الله، مطواعا لأمر الله، محبا لرسول الله، عاملا بمنهج الله، إذا قرئ عليه القرآن سمع و أنصت، و إذا نودي بالإيمان، آمن و لبى "ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا" آل عمران،193.
الذي جاءه رمضان فوجده قد أكرم ضيافته، و أحسن وفادته، فراح يقدر منزلته، و يستشعر مكانته، و يحصل أجره.
الذي جاءه رمضان فوجده قد جعل يده ممرا لعطاء الله، راح ينفق بالليل و النهار، سرا و علانية، بكرة و عشية.
الذي جاءه رمضان فوجده جوادا كريما، أطعم أفواها، و كسا أجسادا، و رحم أيتاما و وصل أرحاما.
الذي جاءه رمضان فوجده قد نصر مظلوما، و فك أسيرا، و فرج مكروبا، و أعان مدينا، و يسر معسورا.
"من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عليه كربة من كرب يوم القيامة، و من ستر مسلما ستره الله في الدنيا و اللآخرة و من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا و الآخرة، و الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، و من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة، و ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم، إلا حفتهم الملائكة، و نزلت عليهم السكينة، و غشيتهم الرحمة، و ذكرهم الله فيمن عنده، و من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه" رواه مسلم.
الذي جاءه رمضان فوجده يهتم بأمر المسلمين، يصلح بين المتخاصمين، و يضع عن كاهل المستضعفين، و يدعو للمحاصرين.
الذي جاءه رمضان فوجده وقافا عند حدود الله لا يتعداها و لا ينساها، إنما يحفظها و يرعاها.
الذي جاءه رمضان، فوجده أحسن إلى والديه، طائعا لهما في غير معصية، بارا و رحيما بهما.
الذي جاءه رمضان فوجده يعلم ما عليه فلم يقصر فيها، و ما له من حقوق فلم يأخذ أكثر منها.
الذي جاءه رمضان فوجده يقرأ القرآن بتدبر و تفكر، و يصلي بخشوع و خضوع، و يعمل لدينه بقصد حسن، و فهم جميل.
الذي جاءه رمضان فوجده يحافظ على صلاة الجماعة، و خاصة صلاة الفجر التي تشهدها الملائكة، و تصغرها الدنيا، و ما فيها،" ركعتا الفجر خير من الدنيا و ما فيها" صححه الألباني.
" يفرح الرب تعالى بمشي عبده إلى المسجد متوضئا" صحيح بن خزيمة.
الذي جاءه رمضان فوجده يفهم أنه لا قيمة إلا بالإيمان، و لا نجاة إلا بالتقوى، و لا فوز إلا بالطاعة، و لا ينال الدرجات العلى إلا رجل مجاهد ينصر العقيدة، و يجابه الباطل، و يحمي الحق، و ينحاز للصدق، " ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين" التوبة:119.
الذي جاءه رمضان فوجده يفتتح يومه بـ : أصبحنا على فطرة الإسلام و كلمة الإخلاص، و على دين نبينا محمد صلى الله عليه و سلم، و على ملة أبينا إبراهيم، و ما كان من المشركين" صحيح، ثم يستظل بنور الحق فلا يسمع إلا نبأه، و لا يصحب إلا أهله، و لا يمضي إلا في طريقه، و لا يعمل إلا له، و يظل كذلك حتى يأتيه اليقين، فيستمع يوم الدين، بشرى رب العالمين، " قال اله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم و رضوا عنه ذلك الفوز العظيم" المائدة: 119.
الرابحون في رمضان يفرحون بقدوم رمضان كما يفرحون بلقاء الأحباب بعد طول غياب، المؤمن يستقبل رمضان بفرحة غامرة، كالذي شردت عنه دابته في فلاة و عليها الطعام و الماء، ثم وجدها أمام ناظريه فقال من فرط فرحته:" اللهم أنت عبدي و أنا ربك" فقبله الله، و فرح به، و غفر له.
الرابح في رمضان هو الذي ثبت على طاعته لله، و اتقام في طريقه لله، فما بدل و لا غير، قال -عز و جلى - لنبيه صلى اله الله عليه و سلم:" و اعبد ربك حتى يأتيك اليقين" الحجر:99، و قال سبحانه - قبل عن عيسى عليه السلام:" و أوصاني بالصلاة و الزكاة ما دمت حيا" مريم:31.
و ذكر لبعض السلف أناس يجتهدون في رمضان، ثم يتركون ذلك بعده، فقال:" ئس القوم لا يعرفون الله تعالى إلا في رمضان.
سيأتي رمضان برحماته و نفحاته، و بعطاياه و هداياه، و سينقضي بأيامه و لياليه، و دقائقه و ثوانيه، و لئن كان ذلك الشهر موسما عظيما من مواسم الخير و الطاعة، فليتزود المؤمن منه لما بعده، لأه حتما سينتقل من بيت كبير و فرش وثير و مال كثير إلى حفرة، هي قبر صغير، و زاد قليل، سينتقل من عزوة و أولاد إلى وحشة ما بعدها وحشة، فليعمل العبد لمعاده، كما يعمل لمعاشه، و ليعمل لغذه، كما يعمل ليومه، و ليعمل لآخرته، كما يعمل لدنياه، الرابحون في رمضان يجتهدون لينالوا الجنة فيدخلوها من باب الريان، و ينادى عليهم:" كلوا و اشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية" الحاقة:24.

اللهم بلغنا رمضان، و تقبل منا الصيام، و أدخلنا الجنة بسلام.

أ/ بلقايد حياة.
 

2 التعليقات

التعليقات
21 يوليو 2015 في 10:53 م حذف

اللهم تقبل منا رمضان

رد
avatar
21 يوليو 2015 في 10:59 م حذف

إضاءات قبيل شهر الرحمات

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}[آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب: 70-71]..

رد
avatar